معرف الأخبار : 65814
تاريخ الإفراج : 4/22/2021 2:08:07 AM
استحضار "رهاب ايران".. عامل استقرار ام منحدر نحو الأفول؟

استحضار "رهاب ايران".. عامل استقرار ام منحدر نحو الأفول؟

يشي موقف التيار المحافظ لعدد من الدول العربية- خاصة تلك القابعة على الشواطئ الجنوبية للخليج الفارسي- ذلك الموقف المشبّع بـ"العداء الأعمى" لإيران والتقارب "الصفيق" من الكيان الصهيوني، بنوع من "الارتباك الاستراتيجي"، مما يغذي الأزمة الشرعية في أنظمتها.

دعا في الآونة الأخيرة، الأمناء العامون لجامعة الدول العربية ومجلس التعاون، في الوقت الذي أعربوا فيه عن قلقهم بشأن تطور برنامج ايران النووي، إلى مواجهة الدور الإقليمي المتزايد والقوّة الدفاعية للجمهورية الاسلامية الايرانية.

وفي دعوة لا تمتّ عن حسن نيّة تجاه ايران، قال "مبارك الحجرف" الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي: إن "المحادثات الحالية في فيينا يجب ألا تشمل البرنامج النووي الإيراني فحسب، بل يجب أن تشمل أيضا سلوك إيران الذي يعد عاملا من عوامل عدم الاستقرار في المنطقة بالاضافة الى ملف الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة"، كما وصفت دول المجلس إعلان ايران زيادة تخصيب اليورانيوم الى مستوى 60 في المائة بأنه "خطير للغاية" على الأمن الإقليمي والعالمي.

جامعة الدول العربية ومجلس التعاون منظمتان إقليميتان تتأثران بشدّة بتوجّه الدول العربية المحافظة، لا سيما توجّه السعودية "الطائش".

في مواجهة هذه المواقف، تساءلت ايران "بحيرة وأسف" عن سبب صبّ هاتين المنظمتين العربيتين الإسلاميتين مخاوفهما الأمنية على الأنشطة السلمية لدولة إسلامية دعمت الموقف العربي الإسلامي المتمثل بنصرة القدس الشريف، ودفعت ثمنها باهظا لموقفها المشرّف هذا، بدلا من إبداء هذا القلق تجاه ترسانة الكيان الصهيوني النووية التي تهدّد أمن المنطقة واستقرارها.

يمكن تفسير مواقف الدول العربية "الحليفة لأمريكا بإفراط" تجاه الجمهورية الاسلامية وبالتزامن مع اجتماعات فيينا مؤخرا، بأنها تأتي في سياق استراتيجية "رهاب إيران"، استراتيجية ليست وليدة اليوم، ذلك لأن هذه الدول قرّرت تعزيز "التنافر" مع إيران في سياستها الخارجية.

وبما يخالف الرأي العام ويستحقره، قامت أنظمة هذه الدول بحلّ خلافاتها مع الكيان الصهيوني و"العزف على وتره" مع بعض اللمسات العاطفية والسياسية المخاتلة، واتخذت قرارها هذا، بالرغم من احتمال تقليص تشكيل الدولة الفلسطينية وتصاعد العدوان والعنف ضد العرب المسلمين في الأراضي المحتلة.

الكيان الصهيوني، باعتباره أكبر محور يعمل على تهميش القومية العربية وإبقائها في الحضيض، لم تعترف به أي من الدول العربية منذ نشأته حتى عام 1978، عندما أقام رسميا علاقات مع مصر، وهو في حالة حرب مع جيرانها العرب.

يعتبر الصراع العربي- الإسرائيلي مركزيا في الكتلة الأمنية في غرب آسيا وشمال إفريقيا، وقد وظفت بعض الحكومات العربية هذا "الصراع" كأداة لتدعيم الهوية والشرعية خلال سنوات الاستقلال.

لقد استغلت الأنظمة العربية كراهية العرب للكيان الصهيوني وداعميه الاستعماريين لعقود من الزمن لتنعم بالشرعية السياسية وترسّخ أركان حكمها، وكان ذلك أهم عائق أمام ولوجها عملية التطبيع مع الاحتلال.

من ناحية أخرى، تعرضت هذه الأنظمة لضغوط شديدة من قبل حليفها الأكثر أهمية "أمريكا" لتقوم بتقديم تنازلات كـ"نكسة التطبيع"، وكان أكثر ما يشغلها في هذا الصدد هو حظر الأسلحة الذي فرضته الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى عليها على مدى سنوات، بسبب الضرّر الذي كان يلحق بالاحتلال الاسرائيلي جراء سياساتها.

لم تتخذ الحكومات العربية المحافظة أي إجراءات فعالة ضد الكيان الصهيوني منذ حرب 1973، ولا تتجاوز موافقها نطاق البيانات والتصريحات الشعارية. ومع ذلك، ما يزال الغرب والولايات المتحدة متشككين بشأن أمن إسرائيل، ولهذا حرصوا مع مرور الوقت على تلبية مطالب القوى التدخلية في المنطقة.

يُنظر إلى اندلاع الثورات العربية والصحوة الإسلامية في عام 2011، على أنه نتيجة واضحة لمثل هذه الجهود، التي فاقمت أزمة الهوية في العالم العربي وعرضت الحكومات الضعيفة في المنطقة لخطر أكبر.

وسط هذه المنعرجات الخطيرة، أراد الحكام العرب المطبّعون وضع إيران مكان العدو الحقيقي "الكيان الصهيوني"، باعتباره التهديد الأول للعالم العربي، في محاولة لتأجيل تحديات افتقارهم للشرعية وتنظيم خطابهم السياسي لصالح الغرب.

تهدّد هذه الاستراتيجية بشكل متزايد العلاقة بين الحكومات والشعوب في العالم العربي، لاسيما العائلات الملكية، لأن هذه الأنظمة على رأسها النظام السعودي، تأمل في التغلب على مثل هذه التحديات عبر توظيف استراتيجية "رهاب إيران" ودعم الولايات المتحدة.

التطبيع مع الكيان الصهيوني والتعنّت تجاه إيران، بالنظر إلى موقف كل من الاحتلال وايران في نظر الدول العربية، يمكن أن يزيد من استياء الرأي العام العربي. وهذا يعرّض بقاء هذه الأنظمة العربية بالنظر إلى تصنيفها من بين "الدول الضعيفة" وأزمة الشرعية التي تعاني منها، لخطر أكبر في المستقبل القريب.

صبّ النظام السعودي وحلفاؤه مؤخرا جلّ اهتمامهم على عرقلة احتمال عودة أمريكا للاتفاق النووي ورفع العقوبات عن ايران،  ووظّف منبر جامعة الدول العربية ومجلس التعاون كمنظمات تابعة للأنظمة العربية المُطبّعة لتحقيق هذه الغاية.

ما تنشده هذه الانظمة، هو تقليل "ضريبة الداخل" التي من المقرّر أن تدفعها إثر تطبيعها مع العدو الصهيوني من خلال تعزيز استراتيجية الرهاب من إيران في المنطقة، لكن موقف الاثنين "الانظمة العربية والكيان الصهيوني" في نظر الشعوب العربية يُقلّل من فرص نجاح مثل هذه الاستراتيجية، ويخلق قدرة عالية على زعزعة الاستقرار في هذه المنطقة.


نورنيوز
تعليقات

الاسم

البريد الالكتروني

تعليقك