نورنيوز: يُشير ترامب إلى العملية العسكرية ضد جماعة فنزويلية على أنها إنجاز أمني، بينما يكشف الواقع الداخلي للولايات المتحدة عن عكس هذا الادعاء. تُظهر بيانات الاستطلاعات المنشورة أن أمل الشعب الأمريكي في المستقبل الاقتصادي في أدنى مستوى له منذ ثلاثة عقود. إن تراجع ثقة الجمهور بالمستقبل، وتزايد الاحتجاجات في المدن، والاستياء الواسع النطاق من السياسات الاقتصادية للحكومة، تُبرز صورة هشة للولايات المتحدة. في ظل هذه الظروف، يحاول ترامب إخفاء إخفاقاته الداخلية باللجوء إلى خلق أزمات خارجية واستعراضات عسكرية مُبهرجة. يُذكرنا هذا النمط بالتقليد العريق للقادة الأمريكيين في خلق أعداء أجانب لتثبيت وضع داخلي مُهتز.
تناقض في مكافحة المخدرات والإرهاب
يتناقض ادعاء ترامب بأن فنزويلا تُكافح المخدرات والإرهاب تناقضًا تامًا مع سجل الولايات المتحدة. فالولايات المتحدة، التي احتلت أفغانستان بذريعة مكافحة الإرهاب والمخدرات، تسببت في الواقع في زيادة إنتاج الخشخاش هناك. كما تتحدث واشنطن عن تجار المخدرات الفنزويليين، في حين أن هيكل السلطة في الولايات المتحدة متشابكٌ بعمق مع عصابات المخدرات والفساد المالي. يُظهر فرض عقوبات صارمة على إيران - وهي دولةٌ في طليعة الحرب العالمية على المخدرات - أن ادعاءات ترامب بمكافحة الاتجار ليست سوى غطاء سياسي لأهداف أمريكا الجيوسياسية. وقد أضعف هذا التناقض بشدة الشرعية الأخلاقية لادعاءات واشنطن.
الاستعراضات العسكرية والإخفاقات الاستراتيجية
يُظهر سجل ترامب في السياسة الخارجية أن استعراضاته العسكرية للقوة أدت إلى فضيحة بدلًا من تحقيق إنجاز حقيقي. من حرب اليمن ودعم الكيان الصهيوني ضد إيران إلى استفزاز أوكرانيا ضد روسيا، انتهت جميع هذه التحركات إما إلى طريق مسدود عسكريًا أو إلى تراجع مصداقية أمريكا على الساحة الدولية. في حالة فنزويلا، يبدو أن واشنطن تسلك نفس المسار مجددًا؛ وهي خطوة مكلفة ستواجه مقاومة من كاراكاس وداعميها الدوليين. إن إجراء مناورات واسعة النطاق في فنزويلا دليل واضح على الاستعداد لمواجهة التهديدات الأمريكية؛ وهي تهديدات تكشف عن ضعف في إدارة الأزمات الدولية بدلًا من تمثيل القوة الأمريكية.
خدمة الصهيونية تحت ستار مكافحة التهريب
لا يمكن تحليل تحركات ترامب الأخيرة ضد فنزويلا بمعزل عن تطورات حرب غزة. فنزويلا من أبرز الداعمين لفلسطين، ويُنظر إلى الإجراء الأمريكي ضدها على أنه رسالة تحذير للحكومات الأخرى الداعمة للمقاومة. بهذه الإجراءات الدراماتيكية، يسعى ترامب إلى تحقيق هدفين: أولًا، إضعاف جبهة داعمي غزة في أمريكا اللاتينية، وثانيًا، صرف انتباه الرأي العام العالمي عن جرائم الكيان الصهيوني في غزة. ولذلك فإن خلق أزمة في منطقة البحر الكاريبي ليس عملاً ضد المهربين، بل هو أداة لدعم السياسة الإبادة الجماعية للنظام الصهيوني؛ وهي سياسة تكشف بوضوح الوجه الحقيقي للولايات المتحدة تجاه القيم الإنسانية وحقوق الإنسان.
نورنيوز