نورنيوز : أثار إعلان وزارة الخارجية الأمريكية تصنيف "جيش تحرير بلوشستان" و"عسكر ماجد" كجماعتين إرهابيتين، بالتزامن مع توسيع التعاون العسكري والاقتصادي مع باكستان، تساؤلات مهمة. يبدو أن زيارات المشير سيد عاصم منير المتكررة إلى واشنطن، والاتفاقيات التجارية وتخفيضات الرسوم الجمركية، وحتى وعود التعاون النفطي، قد حسّنت العلاقات، لكن السجل التاريخي لهذه التفاعلات - من تخريب مشروع خط أنابيب السلام إلى دعم الجماعات المتطرفة - يُظهر أن أهداف أمريكا تتجاوز تعزيز أمن باكستان.
تجارب مريرة ومعايير مزدوجة في مكافحة الإرهاب
يحفل تاريخ العلاقات بين البلدين بأمثلة على نكث الولايات المتحدة بوعودها بعد استغلالها. ويُعد دعم داعش على حدود باكستان، ومنع إسلام آباد من التقرب من الصين، ودور واشنطن في زعزعة الاستقرار الداخلي، أمثلةً واضحةً على هذا التوجه. حتى إدراج جماعتين باكستانيتين على قائمة الإرهاب، مصحوبًا بدعم علني لجماعات مثل داعش خراسان أو جيش الظلام، يبدو أشبه بأداة للضغط على جماعات هدامة أخرى وإضفاء الشرعية عليها. وتُظهر تجربة سوريا، وشطب هيئة تحرير الشام من القائمة السوداء للقاء الجولاني، أن هذا النهج قد يكون جزءًا من عملية خداع.
يُعدّ انعطاف الولايات المتحدة نحو باكستان، بالتزامن مع الخلافات بين واشنطن ونيودلهي حول الرسوم الجمركية وعلاقات الهند مع روسيا، دليلًا على استراتيجية تكتيكية. فكما دفعت الولايات المتحدة الهند إلى تعاون واسع النطاق مع النظام الصهيوني وفرضت عليها تكاليف محلية وأجنبية باهظة، فإن خطر تكرار هذا المسار جديٌّ أيضًا بالنسبة لباكستان. علاوةً على ذلك، يُمكن تنفيذ السياسة الأمريكية الراسخة، المتمثلة في إحداث شرخ بين الدول الأعضاء في منظمات مثل شنغهاي، وبريكس، ومجموعة الدول الثماني النامية، من خلال استغلال الموقع الجيوسياسي لباكستان لتعطيل مسارات التكامل الآسيوي.
على الرغم من الضغوط، أبدت باكستان حتى الآن التزامها بدعم فلسطين، وإدانة عدوان النظام الصهيوني، ومقاومة الإملاءات الأمريكية. وتُعدّ الزيارة الأخيرة للرئيس الإيراني إلى إسلام آباد، وتأكيده على التعاون مع الصين وروسيا، دليلاً على سعيها لتعزيز الكتلة الشرقية، وتجاهلها للوعود الغربية قصيرة الأجل. ويمكن أن تُشكّل هذه الأصالة درعاً فعّالاً في وجه مشاريع واشنطن للنفوذ وزعزعة الاستقرار، شريطة أن تستلهم إسلام آباد تجارب الماضي بحذرٍ من منارةٍ للمستقبل.
نورنيوز