نور نيوز - يُتيح المؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية فرصةً سنويةً للدول لعرض آرائها حول الوضع النووي العالمي. وقد اكتسب حضور إيران في اجتماع هذا العام أهميةً مُضافة؛ إذ أثار الهجوم الأمريكي والصهيوني على المنشآت النووية لبلادنا في الأشهر الأخيرة، وصمت الوكالة إزاء هذا العدوان، تساؤلاتٍ جديةً حول المهمة الحقيقية لهذه المؤسسة الدولية. وقد أكّد محمد إسلامي، رئيس منظمة الطاقة الذرية، أن إيران ستُقدّم تقريرها بشفافيةٍ تامةٍ في هذا الاجتماع، ولن تسمح للمعايير المزدوجة بأن تُلقي بظلالها على مستقبل البرنامج النووي السلمي للبلاد.
بتقديمها قرارًا في هذا المؤتمر، تسعى إيران إلى تصوير الهجوم على المنشآت النووية على أنه عمل مخالف للقانون الدولي، ومطالبة المجتمع الدولي باتخاذ موقف واضح ضده. هذه القضية لا تقتصر على إيران فحسب، بل إن أمن جميع الدول يعتمد على حماية البنية التحتية النووية السلمية.
قرار إيران ومعارضة الولايات المتحدة
أعلن بهروز كمالوندي، المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية، أن الولايات المتحدة عارضت قرار إيران المقترح الذي يحظر الهجمات على المنشآت النووية. تعكس هذه المعارضة رؤية واشنطن للوكالة كأداة لتحقيق أهداف سياسية. بل هددت الولايات المتحدة بوقف مساعداتها المالية للوكالة في حال الموافقة على القرار؛ وهو إجراء يُشكك بوضوح في استقلالية هذه المؤسسة.
هذا في حين أن قرار إيران المقترح يستند إلى وثائق سابقة للأمم المتحدة؛ بما في ذلك قرار مجلس الأمن رقم 487 وقرارات أخرى صادرة عن المؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتي أدانت صراحةً الهجمات على المنشآت النووية. لذلك، فإن معارضة الولايات المتحدة لا تستند إلى القانون الدولي، بل إلى المصالح الجيوسياسية ونهج مزدوج تجاه إيران.
رسالة إيران الاستراتيجية للمجتمع الدولي
يحمل حضور إيران في فيينا رسالة استراتيجية للمجتمع الدولي. تتمحور هذه الرسالة حول محورين رئيسيين: أولاً، التأكيد على حق إيران الراسخ في الاستخدام السلمي للطاقة النووية وفقاً لمعاهدة حظر الانتشار النووي والنظام الأساسي للوكالة الدولية للطاقة الذرية؛ ثانياً، التحذير من العواقب الوخيمة للهجمات المتكررة على المنشآت النووية. وتسعى إيران، من خلال خطاب واضح، إلى إظهار أن صمت الوكالة وتقاعسها عن العمل إزاء هذه الاعتداءات لا يهدد أمن إيران فحسب، بل يهدد أيضاً مصداقية نظام منع الانتشار.
في الواقع، قد يُمهد موقف إيران في هذا المؤتمر الطريق لتوافق أوسع بين الدول المستقلة. وتشعر العديد من الحكومات بالقلق من أن استمرار هذا التوجه سيؤدي إلى تعرض منشآتها النووية لهجمات مماثلة. لذلك، تُتيح مبادرة إيران فرصة لتشكيل تحالف أخلاقي وقانوني ضد السياسات الأحادية الجانب للولايات المتحدة.
آفاق الدبلوماسية النووية الإيرانية
لن تقتصر الدبلوماسية النووية الإيرانية في فيينا على تقديم قرار. ستتيح الاجتماعات متعددة الأطراف مع مختلف الدول لطهران فرصةً لشرح مواقفها بشكل مباشر وكسب دعم سياسي جديد. من ناحية أخرى، سيسمح هذا الحضور لإيران بكشف الممارسات غير القانونية للنظام الصهيوني وحلفائه في إطار شفاف وقانوني.
إذا اقترن هذا التوجه بتماسك داخلي واستمرارية على المستوى الدولي، فإنه يمكن أن يمهد الطريق لتعزيز مكانة إيران في النظام النووي العالمي. وفي هذا الصدد، فإن الخطاب الإيراني الشفاف للتهديدات والضغوط لن يُثير وعي الرأي العام فحسب، بل سيُظهر أيضًا للدول الأخرى أن الدفاع عن الحقوق النووية لإيران هو في الواقع دفاع عن الأمن الجماعي ومستقبل الصناعة النووية في العالم.